هَلْ يَجُوز أنْ تَنْكَشِفَ المَرْأةُ المُسْلِمة عَلَى الطّبيب ؟!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدِنا ونبيِّنا محمد و على آله وصحبه وسلم . أما بعد:
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعةَ عشر ، المنعقدةِ بمكة المكرمة ، والتي بدأت يوم السبت ، العشرون من شعبان ، عامَ ألفٍ وأربعمائة وخمسَ عشرةَ للهجرة . قد نظر في هذا الموضوع ، وأصدر القرار الآتي:
1) الأصل الشرعي أنه لا يجوز كشف عورة المرأة للرجل ، ولا العكس ، ولا كشف عورة المرأة للمرأة ، ولا عورة الرجل للرجل.
2) يؤكد المجمع على ما صدر من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بقراره برقم وتاريخ وهذا نصه:
" الأصل أنه إذا توافرت طبيبة مسلمة متخصصة يجب أن تقوم بالكشف على المريضة ، وإذا لم يتوافر ذلك ، فتقوم طبيبة غير مسلمة . فإن لم يتوافر ذلك يقوم به طبيب مسلم ، وإن لم يتوافر طبيب مسلم يمكن أن يقوم مقامه طبيب غير مسلم .
على أن يطلع من جسم المرأة على قدر الحاجة في تشخيص المرض ومداواته، وألا يزيد عن ذلك ، وأن يغض الطرف قدر استطاعته ، وأن تتم معالجة الطبيب للمرأة هذه بحضور محرم أو زوج ، أو امرأة ثقة خشية الخلوة ".
3) في جميع الأحوال المذكورة ، لا يجوز أن يشترك مع الطبيب إلا من دعت الحاجة الطبية الملحة لمشاركته ، ويجب عليه كتمان الأسرار إن وجدت.
انتهى الشاهد من قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي . وقد وقعه مجموعة من العلماء ، وعلى رأسهم رئيس المجلس سماحة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله.
وعلى هذا يتقرر أن علاج الأطباء للنساء ، لا يجوز إلا بشروط:
الأول : ألا يوجد طبيبة.
الشرط الثاني : وجود الضرورة ، أو الحاجة الملحة.
الشرط الثالث : أن يكون الكشف بقدر الحاجة ، فإذا وجدت الحاجة لكشف جزء من الساق مثلاً ، لم يجز الكشف أكثر من مقدار الحاجة فيه . وإذا كانت الحاجة تندفع برؤية طبيب واحد لم يجز أن ينظر إليها أكثرُ من واحد.
الشرط الرابع : وجود المحرم ، فالكشف على المرأة الأجنبية مظنة الفتنة ، و من أعظم وسائل دفعها وجود المحرم . قال النبي عليه الصلاة والسلام : " لا يخلون رجل بامرأة ، إلا ومعها ذو محرم " أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنه.
ومن المؤسف حقاً، ما نراه من تساهل بعض المسلمين، الذين ماتت في قلوبهم الغيرة – أو كادت- ؛ فلا يتردد أحدهم في الكشف عن محارمه أمام الأطباء دون أن يبذل ما يقدر عليه من الأسباب التي يحقق بها الشروط الشرعية ويجعل من الأمر ضرورة حقيقية يعتذر بها أمام الله يوم القيامة.
فهل يا ترى ماتت الغيرة في قلوب بعض المسلمين ؟! وهل انعدم الحياء من بعض نساء المسلمين ؟ حتى لا يجدوا أي حرج من فعل ذلك !! بل منهم من ألِفَ ذلك بكل برود ورمى من خالفه بالتشدد والغلو ؟!
والله إن هذا من التوسع الذي تأنفه أخلاق الرجولة والمروءة، وتأباه الضمائر الحية، فضلاً عن مخالفته الصريحة لأحكام الشريعة التي تدعو إلى العفة والحشمة والحياء.