أكثر من ظاهرة طبيعية لا تخضع لقوانين، يعتبرها العلماء نادرة وليس لها شبيه، يعجز الباحثون عن تقديم تفسير لهذه الظواهر، لتظل لغزًا في الطبيعة التي لم تبح بكل أسرارها، وسبحان الخالق المبدع إذْ يقول في مُحكم التنزيل:{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }.
في الحديقة الوطنية بجزيرة فلوريسFlores Islandفي إندونيسيا، يوجد جبل كيليموتو Kelimutu البركاني، بفوهات ثلاث على شكل بحيرات، وتقع البحيرات على ارتفاع 1690 مترا فوق سطح البحر، ولا يفصل البحيرة الثانية عن الثالثة سوى جدار سمكه 100 - 200 سم، وعلى الرغم من أنّ السكان المحليين كانوا على علم بوجود البحيرات منذ القدم، فإن المستكشف الهولندي «Van Such Telen» أعلن اكتشافها سنة 1915، والغريب في هذه البحيرات أنها ملونة، كل واحدة لها لون مختلف، والأكثر غرابة أنّ كلاًّ منها يتغير لونها من وقت لآخر.
ولم يتوصل العلماء إلى أسرار هذا التغير المستمر في الألوان، حيثُ كانت ألوان البحيرات حمراء وزرقاء وبيضاء حتى عام 2006، ثم تغيرت إلى ألوان أخرى. فالحمراء أصبحت سوداء، وذات اللون الأزرق أصبحت بلون أخضر فاتح، بينما البيضاء أصبحت بلون بني.
وتحظى بحيرات إندونيسيا الملونة بمكانة خاصة لدى الإندونيسيين، فنقشوها على العملة الورقية فئة الخمسة آلاف روبية، ويقصد البحيرات سُياح من أنحاء العالم لالتقاط الصور التذكارية عند حوافها، ويطلق السكان المحليون على كل بحيرة اسمًا ذا دلالة: فالبحيرة الأولى- الغربية- يطلقون عليها «بحيرة المسنين»، والثانية تسمى «بحيرة الشبان والشابات»، والثالثة تسمى «البحيرة المسحورة».
حاجز في البحر!
في كوريا الجنوبية، تتحرك الرمال في قاع البحر- في موسم معين، لتشكل حاجزًا يبلغ طوله 2.8 كيلو وعرضه 40 مترا، يصل بين جزيرتي جندو ومودو، وهذه الظاهرة تتجلى عندما يزيح المدّ كومة ضخمة من الرمال لتشكل ممرًا يشبه الجسر، وهي تحدث مرتين أو ثلاث مرات سنويا في مارس ومايو وأغسطس، ولا تزيد مدة ظهوره على الساعة، ليعود البحر كما كان، ويطلق الكوريون على هذه الظاهرة «جسر النبي موسى في جندو»؛ لأنها قريبة الشبه بمعجزة سيدنا موسى _عليه السلام_ عندما انشق له البحر لينجو وأصحابه من بطش فرعون، وليغرق الأخير وجنوده في اليمِّ.
ظلت ظاهرة الحاجز البحري معلمًا سياحيًّا محليًّا، لم يشاهدها سوى الكوريين، لكن أحد سفراء فرنسا في كوريا شهد تكوين الحاجز، ونقل تفاصيل تجربته المثيرة إلى وسائل الإعلام الفرنسية، وبعدها اتخذت الظاهرة شهرة عالمية، ويتوافد أكثر من مليون زائر سنويًّا- من جميع أنحاء العالم- ليشاهدوا ظهور الحاجز ويتسابقوا على عبوره للوصول إلى الجهة المقابلة والعودة، قبل أن يتلاشى الجسر، ويغرق في قاع البحر، بينما يحتفل الكوريون على طريقتهم باعتبار الحاجز حدثًا مهمًّا، فيطلقون الألعاب النارية والعروض الترفيهية احتفاءً بالزوار.